عن أَبي جُحَيْفَةَ وَهْبِ بن عبد الله رضي الله عنه قال:
قَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:
(( لا آكُلُ مُتَّكِئًا ))
*رواه البخاري.
قَالَ ابن حجر رحمه الله ...
قوله ( إني لا آكل متكئا ) ذكر في الطريق التي بعدها له سببا مختصرا ولفظه " فقال لرجل عنده لا آكل وأنا متكئ "
قال الكرماني : اللفظ الثاني أبلغ من الأول في الإثبات ، وأما في النفي فالأول أبلغ اهـ . وكان سبب هذا الحديث قصة الأعرابي المذكور في حديث عبد الله بن بسر عند ابن ماجه والطبراني بإسناد حسن قال أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فجثا على ركبتيه يأكل ، فقال له أعرابي : ما هـذه الجلسة ؟ فقال إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا قال ابن بطال : إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا لله . ثم ذكر من طريق أيوب عن الزهري قال " أتى النبي صلى الله عليه وسلم ملك لم يأته قبلها فقال : إن ربك يخيرك بين أن تكون عبدا نبيا أو ملكا نبيا ، قال فنظر إلى جبريل كالمستشير له ، فأومأ إليه أن تواضع ، فقال : بل عبدا نبيا . قال فما أكل متكئا " اهـ وهذا مرسل أو معضل ، وقد وصله النسائي من طريق الزبيدي عن الزهري عن محمد بن عبد الله بن عباس قال : كان ابن عباس يحدث ، فذكر نحوه . وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال " ما رئي النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط " وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال " ما أكل النبي صلى الله عليه وسلم متكئا إلا مرة ثم نزع فقال : اللهم إني عبدك ورسولك " وهذا مرسل ، ويمكن الجمع بأن تلك المرة التي في أثر مجاهد ما اطلع عليها عبد الله بن عمرو ، فقد أخرج ابن شاهين في ناسخه من مرسل عطاء بن يسار " أن جبريل رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا فنهاه " ومن حديث أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم لما نهاه جبريل عن الأكل متكئا لم يأكل متكئا بعد ذلك " واختلف في صفة الاتكاء فقيل : أن يتمكن في الجلوس للأكل على أي صفة كان ، وقيل أن يميل على أحد شقيه ، وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض ، قال الخطابي تحسب العامة أن المتكئ هو الآكل على أحد شقيه ، وليس كذلك بل هو المعتمد على الوطاء الذي تحته ، قال ومعنى الحديث إنى لا أقعد متكئا على الوطاء عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام ، فإني لا آكل إلا البلغة من الزاد فلذلك أقعد مستوفزا .